بعد مضي أكثر من 30 سنة انتهت فاعلية العقد بين تونس والجزائر في ما يخص الغاز العابر للبلاد التونسية من الجزائر باتجاه إيطاليا والذي يتم بمقتضاه حصول تونس على إتاوة مباشرة تتمثل في حصولها على الغاز الجزائري.
ولأكثر من ثلاثة عقود تحصلت تونس على هذا الامتياز الذي ساعدها على خدمة العديد من الأغراض الاقتصادية والتنموية والتقليص قدر الإمكان من دعم الكهرباء والغاز باعتبار أن كل الإتاوة من الغاز الطبيعي الجزائري يتم تحويلها إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) التي تتولى بدورها ضخ كميات الغاز في محطاتها الكهربائية إذ أن نسبة مائوية كبيرة من الكهرباء يتم إنتاجه بواسطة الغاز الطبيعي.
ومن تداعيات انتهاء العقد في سنة 2012 الذي لم يحظ باهتمام كبير من السلطات العمومية ولا ومن النخبة السياسية وحتى الخبراء الاقتصاديين، أن الإتاوة تراجعت بشكل كبير في النصف الأول من هذا العام بنسبة 36% وهو ما سيؤثر بشكل ملحوظ على الوضع الطاقي العام للبلاد ومن ورائه النشاط الاقتصادي وكذلك إمكانية تأثر الستاغ بهذه المسألة باعتبار أن الدراسات الاستشرافية تشير إلى أنه مع حلول سنة 2016 سيتفاقم عجز الميزان الطاقي بشكل لافت لتصبح الوضعية شبه كارثية.
وتؤكد المعلومات التي تحصلنا عليها أن الجانب التونسي ونظيره الجزائري لم يتوصلا لاتفاق لتجديد العقد لفترة أخرى وذلك في نطاق أشغال اللجنة العليا المشتركة التونسية الجزائرية، فقد تمسك الطرف الجزائري على عدم منح إتاوة مباشرة في شكل غاز طبيعي بل فضّل منح تونس مقابلا ماديا عن كل طلب من إيطاليا للحصول على الغاز الجزائري.
وتفيد ذات المعطيات أن الوضع الاقتصادي في منطقة الأورو وخاصة الوضعية الاقتصادية في إيطاليا المتسمة بالركود الكبير في النشاط الاقتصادي جعل طلبها على الغاز الجزائري يتقلص بصفة ملحوظة وهو ما فسر تراجع حصة تونس من الغاز الجزائري بنسبة 36% مع موفى شهر جوان الماضي.
عامل آخر قد يعكّر الوضعية أكثر، ويتمثل في أن إيطاليا أصبحت تقتني الغاز الصخري من الولايات المتحدة الأمريكية بخمس السعر الذي تحصل عليه من الغاز الطبيعي الجزائري.
وما يمكن التأكيد عليه أن تونس ومع الأسف لم تحسن التفاوض في ملف استراتيجي وحيوي على غاية من الأهمية الاقتصادية وكان من الأجدر تناوله بطريقة أكثر جدية عبر حسن توظيف العلاقات السياسية و التجارية بين البلدين من خلال الحرص على مزيد إمضاء العديد من العقود التجارية لدعم الشراكة الصناعية والتجارية والفلاحية بين البلدين لا التوجه إلى دول أخرى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire